حكم تطهير الغسيل الجاف ( الدراي كلين ) للنجاسة
السؤال:
هل يطهر الغسيل الجاف (الدراي كلين) النجاسة أم يجب استعمال الماء؟
الجواب:
قبل الحديث عن حكم الغسيل الجاف لا بد أن نعرف حقيقته؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وقد عرفت الموسوعة الحرة ويكيبيديا التنظيف الجاف بأنه عملية تنظيف للملابس والمنسوجات باستخدام المذيبات العضوية بدلا من الماء. ومن المذيبات المستخدمة عادة رباعي كلورو إيثيلين (tetrachloroethylene) وتختصره الصناعة بـ “perc” ويختصره العامة باسم “سائل التنظيف الجاف”. يستخدم التنظيف الجاف لتنظيف المواد التي تتضرر بتنظيفها بالمياه والصابون أو المنظفات. ويمكن أن يستخدم الغسيل الجاف إذا كان الغسيل اليدوي للمنسوجات الحساسة شاقا.
أما عن آلة التنظيف الجاف فهي آلة مدمجة للغسالة المنزلية مع نشافة للملابس. توضع الملابس في حجرة الغسيل والعصر (يشار إليها على أنها سلة، أو حوض)، والتي هي جوهر هذه الآلة. تحتوي حجرة الغسيل على حوض اسطواني أفقي ومثقب يدور داخل جسم آله الغسيل. وتحتوي آلة الغسيل المادة المذيبة بينما يحتوي حوض الغسيل على الملابس. ويمكن للحوض أن يتسع نحو 10 و 40 كيلوغرام.
أثناء دورة الغسيل، يملأ ثلث حجرة الآلة بالمذيب ثم تبدأ بتدوير وخض الملابس. وتحفظ درجة حرارة المذيب عند 30 درجة مئوية، فقد تؤذي درجات الحرارة العالية الملبوسات. وأثناء دورة الغسيل، يمر المذيب عبر حجرة ترشيح ثم يعاد إلى الحوض. تسمى هذه بدورة المذيب، وتستمر لمدة الغسيل. يزال المذيب ويرسل إلى وحدة تقطير تضم مرجلا ومكثفا. ويدخل المذيب المتكثف إلى وحدة فاصلة لفصل الماء المتبقي من المذيب ومن ثم تدخل إلى خزان المذيب. ومعدل التدفق الأمثل هو ما يقرب 8 لترات من المذيب للكيلوغرام الواحد من الملابس في الدقيقة الواحدة، وهذا يتوقف على حجم الآلة.
بناء على ما سبق يتضح أن الغسيل الجاف يزيل النجاسة لكن دون استعمال الماء، فهل يصح إزالة النجاسة دون استعمال الماء؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على رأيين:
الأول: ذهب جمهور الفقهاء وعلى رأسهم السادة المالكية والشافعية إلى أن إزالة النجاسة أمر تعبدي غير معقول المعنى لا يكون إلا بما حدده الشرع وهو الماء.
الثاني: ذهب جمع من الفقهاء وعلى رأسهم السادة الحنفية في المعتمد إلى أن إزالة النجاسة أمر معقول المعنى يقوم على إزالة النجاسة، فيطهر المتنجس إذا أزيلت النجاسة بأي وسيلة كانت.
ورأي الحنفية ومن حذا حذوهم من الفقهاء هو الراجح؛ لأن الله خلق الثوب – مثلا – طاهرا، والنجاسة عارضة عليه ومجاورة له، فيبقى الطاهر طاهرا، والنجاسة متخللة فيه مجاورة لجزيئاته، فإذا أزلنا هذا المجاور وأرجعنا المتنجس إلى حاله قبل النجاسة بطرد النجاسة بأي وسيلة كانت رجع للثوب حكمه وهو الطهارة، فالتنجيس أمر عارض إذا زال زال حكمه، فالثوب مثلا قبل تنجسه طاهر، ثم يتنجس بملاقاة النجاسة ودخولها فيه، فإذا أزلنا هذه النجاسة وأرجعناه إلى حاله دون هذه النجاسة رجع حكم الطهارة له.
وبناءً على ذلك فإن الغسيل الجاف أو ما يعرف بالدراي كلين إن أزال جميع النجاسة فهو مطهر للثياب النجسة والله تعالى أعلم.
مصدر الفتوى
من كتاب: (فتاوى معاصرة)، مؤلف الكتاب: للدكتور أيمن عبد الحميد البدارين، دار النشر: دار الرازي للنشر والتوزيع، مكان النشر: عمان، الأردن، رقم الطبعة: الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1434هـ-2013م، رقم الصفحة (22-24).
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.